Thursday, December 19, 2013

سماع الباطل وأهله - بعض من نفائس الإمام إبن القيم رحمه الله

سماع الباطل وأهله - بعض من نفائس الإمام إبن القيم رحمه الله


لم أجد صورة تصف أؤلئك الحيارى أكثر من وصف الفلسفة في أيقونتها المعروفة والتي ما إن تتناهى إلى مسامعنا كلمة فلسفة حتى نتصور شخص يضع كفه على وجهه تعبيرا عن الحيرة التي يعيشها.

يصف الإمام إبن القيم رحمه الله أولئك في قوله تعالى : {أُولِئك الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة: 41] عقيب قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لقوم آخرين لم يأتوك يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41].

مما يدل على أن العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفا للحق عن مواضعه، فإنه إذا قبل الباطل أحبه ورضيه، فإذا جاء الحق بخلافه رده وكذبه إن قدر على ذلك، وإلا حرفه.

ثم قال : تعوّضوا بالسماع الشيطانى عن السماع القرآنى الإيمانى. إنتهى كلام الإمام إبن القيم رحمه الله.ـ

ويدل على ذلك الكثير من أولئك الذين تشربوا الباطل من كتب الفلاسفة والمتصوفة وأهل الكلام فعوضوا بذلك عن كلام الله وأقوال الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فما زادهم ذلك إلا بعدا عن الله سبحانه وتعالى ، فصفق لهم الجهال وطبل لهم أهل الزيغ والضلال وكما يقال "يأخذ في نفسه مقلب" فيظن أنه أوتي جوامع الكلم ونوابغ الحكم ولم يظن يوما أنه يُستدرج فأصبح يغوص في الرد على مسلمات الأمور وبديهيات النصوص التي أجمع عليها أهل العلم ممن تشرب العلم وحظو بحيثيات الأمور وكنهها وسمع كلام الأولين والآخرين .
وهذا ينطبق كذلك على أولئك الذين إعتادو سماع الباطل في بيوتهم ولم يعملوا على تنوير ابصارهم و عقولهم بالبحث عن الحق وأهله فأصبحو يردون سننن الحبيب بدون إستحياء ولا تعليل - يرددون الباطل كالببغاوات لأن آبائهم أو إخوانهم أو من يجدونه قدوة وذا حضوة من آهلهم وآل بيتهم وتناسوا أن ذلك لا يخليهم من مسؤلياتهم تجاه دينهم وربهم مصدقا لقوله تعالى (إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) - مقتدون حتى في سماع الباطل ورد ما أجمعت عليه الأمة وما هو معلوم من الدين بالضرورة.

ويصف الإمام إبن القيم رحمه الله في قول الله تعالى : (الّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجنَّةَ بِمَا كُنْتمْ تَعْمَلُونَ) [النحل: 32].

فالجنة لا يدخلها خبيث، ولا من فيه شيء من الخبث. فمن تطهر في الدنيا ولقي الله طاهراً من نجاساته دخلها بغير معوق، ومن لم يتطهر في الدنيا فإن كانت نجاسته عينية، كالكافر، لم يدخلها بحال.




No comments:

Post a Comment